مكيدة اليهود ورفعه عيسى ابن مريم عليه السلام إلى السماء
قال الله تبارك وتعالى (فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله ءامنا بالله واشهد بأنا مسلمون ربنا ءامنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين ) استمر أكثر بني إسرائيل على كفرهم وضلالهم وعنادهم وءامن بعيسى عليه السلام القليل، وكان منهم طائفة صالحة كانوا له أنصاراً وأعواناً قاموا بمتابعته ونصرته وإعانته على نشر دين الإسلام الحق الذي أرسله الله تبارك وتعالى ليدعو إليه، ولما أخذت دعوته تنتشر ويكثر أتباعه ومناصروه حسده اليهود وتآمروا عليه وأخذوا يدبرون مكيدة لقتله والتخلص منه، فوشوا به إلى بعض ملوك الزمان وعزموا على قتله وصلبه فأنقذه الله تبارك وتعالى من مكيدتهم ومكرهم ورفعه إلى السماء من بين أظهرهم وألقى شبهه على أحد أصحابه فأخذوه فقتلوه وصلبوه وهم يعتقدون أنه عيسى عليه السلام وهم في ذلك غالطون، قال الله تبارك وتعالى في الرد علي اليهود الذين زعموا أنهم قتلوا نبي الله عيسى عليه السلام: (وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم وإن الذين اختلفوا فيه لفي شك الظن وما قتلوه يقيناً بل رفعه الله إليه وكان الله حكيماً) [سورة النساء/157-158].
وورد في قصة رفع نبي الله عيسى عليه السلام إلى السماء أنه قبل أن يدخل اليهود على المسيح عيسى ابن مريم عليه السلام كان عليه السلام مع اثني عشر من أصحابه وتلاميذه في بيت فقال لهم: إن منكم من يكفر بي بعد أن ءامن، ثم قال لهم: أيكم يُلقى عليه شبهي ويُقتل مكاني فيكون رفيقي في الجنة؟ فقام شاب أحدثهم سناً فقال: أنا، قال اجلس، ثم أعاد عيسى عليه السلام مقالته فعاد الشاب وقال: أنا. ثم أعاد عيسى عليه السلام مقالته فعاد الشاب الثالثة، فقال عليه السلام: أنت هو، وألقى الله سبحانه وتعالى شبه عيسى عليه السلام على هذا الشاب، فدخل اليهود البيت وأخذوا الشاب فقتل وصلب بعد أن رفع عيسى عليه السلام من روزنة في البيت-وهي نافذة في أعلى الحائط- إلى السماء وأهل البيت ينظرون. ثم افترقوا فرقاً، فرقة قالت: هو الله، وفرقة قالت: هو ابن الله، وفرقة قالت: هو عبد الله ورسوله وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الفرقتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامساً حتى بعث الله محمداً .
قال الله تبارك وتعالى: (ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين إذ قال الله يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيام ثم إلي مرجعكم فأحكم بينكم فيما كنتم فيه تختلفون) [سورة ءال عمران/54-55] ومعنى قول الله تعالى (متَوَفيكَ) أي قابضك إلى السماء وأنت حي يقظان، ويجوز أن يفسر بأن هذا من باب المقدم والمؤخر فكأن السياق إني رافعك ومطهرك من الذين كفروا ومتوفيك أي مميتك، فعلى هذا التفسير وهو تفسير ابن عباس يكون متوفيك معناه مميتك، أي بعد رفعك إلى السماء وإنزالك.